الثلاثاء 30 سبتمبر 2025 06:19 مـ 7 ربيع آخر 1447 هـ
المشهد سبورت | المشهد الرياضي | المشهد نيوز
رئيس التحرير عبد الرحمن البيل
Embedded Image
×

من الملاعب إلى الشوارع: كرة القدم تُغيّر وجه تونس

الخميس 25 سبتمبر 2025 10:29 مـ 2 ربيع آخر 1447 هـ
من الملاعب إلى الشوارع: كرة القدم تُغيّر وجه تونس

كرة القدم في تونس لم تعد مجرد مباراة تُلعب في الملاعب أو هواية تُمارس بعد الدوام.

تحولت اللعبة إلى جزء أصيل من الحياة اليومية، تشكل حوارات الشارع وتجمع بين الأطفال والشباب في الأحياء.

اليوم، نرى تأثيرها واضحاً في سلوك الناس، في الأعمال الصغيرة التي تنبض بالحياة خلال البطولات، وحتى في طموحات الشباب الباحثين عن فرصة للتعبير أو التغيير.

يتناول هذا المقال كيف اخترقت كرة القدم جدران المجتمع لتصبح قوة اجتماعية وثقافية واقتصادية فعلية.

ستجدون قصصاً ملهمة من قلب الشارع التونسي تثبت أن اللعبة أصبحت لغة مشتركة تمنح الأمل وتبني الروابط وتخلق فرصاً جديدة.

انتشار كرة القدم في المجتمع التونسي

كرة القدم اليوم ليست مجرد هواية عابرة في تونس، بل أصبحت جزءاً من تفاصيل الحياة اليومية.

في كل حي تقريباً تجد ملعباً صغيراً أو مساحة مخصصة يتحول فيها الشارع إلى ساحة لعب، حيث يجتمع الأطفال والشباب كل مساء لممارسة شغفهم.

هذا المشهد خلق بيئة نابضة بالحياة، وجعل اللعبة وسيلة طبيعية لبناء الصداقات وروح الفريق بين الجيران.

اللافت أن كرة القدم تجاوزت حدود الملاعب لتصبح أداة تواصل اجتماعي وثقافي تمنح الجميع فرصة التعبير عن الذات، سواء عبر مشاركة المباريات أو النقاشات الحماسية بين عشاق الأندية الكبرى مثل الترجي والنادي الإفريقي.

ومع ازدياد هذا الولع الجماهيري، انتشرت منصات الترفيه الرقمي التي ترافق روح العصر وتلبي رغبات الشباب الباحثين عن تجارب جديدة.

من بين هذه المنصات برز موقع كازينو علي الانترنت تونس الذي يستقطب جمهور الرياضة ويوفر لهم طرقاً مبتكرة للتفاعل مع عالم كرة القدم والترفيه الافتراضي على حد سواء.

بهذا أصبح حضور الكرة في الشارع التونسي انعكاساً واضحاً لطموحات جيل جديد يعيد تشكيل علاقته بالرياضة والهوية المحلية بطريقة أكثر حيوية وجرأة.

كيف أصبحت كرة القدم منصة للتغيير الاجتماعي في تونس

في السنوات الأخيرة، تجاوزت كرة القدم دورها التقليدي كلعبة جماهيرية في تونس لتصبح وسيلة مؤثرة في بناء مجتمع أكثر تماسكاً.

لاحظت خلال زيارتي لأحياء تونسية مختلفة أن مباريات الشارع لم تعد مجرد تسلية بل تحولت إلى مساحة تجمع الأطفال والشباب من خلفيات متنوعة حول هدف مشترك.

عندما ينخرط الشبان والفتيات معاً في نفس الفريق، تتلاشى الفوارق الطبقية والعمرية تدريجياً ويبرز شعور بالتضامن والانتماء يصعب تحقيقه في أي نشاط آخر.

من مبادرات الأحياء التي توفر ملاعب صغيرة للجميع إلى مشاريع تدعم مشاركة الفتيات، خلقت كرة القدم مسارات واقعية لمحاربة التهميش الاجتماعي وفتحت أبواب الأمل أمام كثير من الأسر.

أكثر ما يلفتني هو أن هذه المبادرات لا تحتاج لرعاية رسمية دائماً. أحياناً يكفي توافر مكان بسيط وكرة حتى يشعر الجميع بأن لهم قيمة وصوتاً حقيقياً داخل مجتمعهم.

مبادرات الأحياء: ملاعب مفتوحة للجميع

في أحياء مثل الملاسين والكرم وغيرهما، أصبح من الشائع رؤية ملاعب صغيرة أقيمت بجهود متطوعين أو جمعيات محلية.

هذه الملاعب تقدم بديلاً صحياً للأطفال بعيداً عن المقاهي والشوارع الضيقة حيث الحوادث والانحرافات واردة. هنا يجد الشباب مساحة للتدريب والمنافسة وتكوين صداقات جديدة.

ما أقدّره حقاً هو أن هذه المبادرات غالباً ما تبدأ من سكان الحي أنفسهم، يتعاونون لجمع التبرعات أو تنظيم دوريات صغيرة تمنح الأطفال حافزاً للالتزام والتطور.

مع الوقت، قلّت مظاهر الانقطاع المدرسي والعنف العشوائي بين المراهقين في بعض المناطق. أصبحت الكرة رمز انضباط وفرصة لتعلم قيم التعاون والاحترام المتبادل بعيداً عن ضغط الشارع التقليدي.

كرة القدم والفتيات: كسر الصور النمطية

من المدهش اليوم أن تجد فرق فتيات تتدرب في ملاعب الأحياء أو تشارك في بطولات مدرسية بتشجيع عائلاتهن وأحيانا بمشاركة المجتمع المحلي نفسه.

هذه الظاهرة كانت شبه غائبة قبل عشر سنوات. الآن نرى حضور الفتيات يفرض نفسه تدريجياً ويغيّر نظرة الكثيرين لدور المرأة داخل الرياضة وخارجها.

سرد لي أحد المدربين كيف أصبحت مشاركة الفتيات تحفّز العائلات على تقبّل فكرة تمكين بناتهن ومساندتهن لتحقيق طموحات رياضية قد تقود إلى فرص تعليم أو عمل لاحقاً.

كرة القدم هنا ليست مجرد لعبة بل مفتاح لفتح آفاق أوسع للتمكين الشخصي والاجتماعي للفتيات، كما ساعدت على ترسيخ قيم الثقة بالنفس والجرأة في الجيل الصاعد من النساء التونسيات.

التأثير الاقتصادي لكرة القدم على الشارع التونسي

كرة القدم في تونس لم تعد مجرد رياضة أو ترفيه، بل أصبحت أحد محركات الاقتصاد اليومي في الأحياء والمدن.

يمكن أن تلمس تأثيرها في كل زاوية: من بيع القمصان والأعلام إلى تنظيم البطولات الشعبية التي تشغّل الشباب وتخلق فرصاً جديدة.

هناك اقتصاد موازي ظهر حول هذه اللعبة، لا يعتمد فقط على النوادي الكبيرة، بل ينبض بالحياة في الشوارع والأسواق.

حتى خارج أيام المباريات الكبرى، يبقى الحراك واضحاً مع ازدياد الطلب على المنتجات الرياضية وانتعاش المقاهي والمحال الصغيرة المرتبطة بالكرة.

هذه الديناميكية منحت كثيراً من العائلات موارد إضافية وخلقت روابط اجتماعية واقتصادية يصعب تجاهلها.

الباعة المتجولون: اقتصاد الشغف الكروي

في كل مباراة هامة، ينتشر باعة الأعلام والتيشيرتات في الأحياء والطرق المؤدية للملاعب.

هؤلاء الباعة يتحولون إلى جزء أساسي من المشهد الكروي، مستفيدين من شغف الجماهير لجني دخل يومي يغطي حاجيات أسرهم.

أحد الأشياء التي ألاحظها دائماً هو كيف يتحول حتى الأطفال إلى تجار صغار يبيعون صور اللاعبين أو كرات صغيرة قرب الساحات الشعبية.

رغم بساطة هذا النشاط إلا أنه يؤثر فعلياً في تحسين مستوى معيشة الكثير من الأسر خاصة خلال البطولات الكبرى مثل كأس إفريقيا أو المونديال.

المقاهي الرياضية: ملتقى الجماهير ومصدر رزق

مع كل مناسبة كروية بارزة، تتحول المقاهي إلى أماكن تعج بالحياة وتجمع أفراد الحي حول شاشة واحدة.

أصحاب المقاهي يحققون أرباحاً أكبر عبر تقديم عروض خاصة وتنظيم جلسات جماعية لمتابعة المباريات الهامة.

هذه المساحات تمنح الناس فرصة للاحتفال الجماعي والنقاش وتبادل الآراء حول الفرق والنتائج، ما يعزز الروابط الاجتماعية أيضاً.

في بعض المدن، صارت المقاهي تقيم مسابقات وأسئلة رياضية لجذب الزبائن وتحفيز المشاركة النشطة طوال الموسم الكروي.

الثقافة الكروية في الشارع التونسي: من الأغاني إلى الجداريات

كرة القدم أصبحت جزءاً من الروح التونسية اليومية، ليس فقط في الملاعب بل أيضاً في تفاصيل الشارع.

تجد الشغف الكروي حاضراً في كل مكان: الأغاني، الهتافات، والرسومات التي تزين الجدران.

هذا الحضور اللافت منح الكرة هوية بصرية وصوتية خاصة بها في تونس، تعكس الارتباط القوي بين الجماهير وفرقهم.

الملعب امتد ليشمل الأحياء والمقاهي وحتى ممرات المدينة، حيث تتلاقى الإبداع الشعبي مع الولاء الرياضي.

الهتافات والأغاني: صوت الجماهير

الجماهير التونسية بارعة في ابتكار أغانٍ وهتافات لكل فريق أو حدث كروي مهم.

أصبحت هذه الأغاني علامة مميزة لكل نادٍ، يتوارثها الصغار عن الكبار وتمنح المباريات أجواءً احتفالية لا تخطئها الأذن.

في بعض الأحيان تنتقل هذه الهتافات خارج الملعب لتتحول إلى جزء من الحوار اليومي بين الناس في المقاهي أو حتى المواصلات العامة.

هذه الأغاني ليست مجرد كلمات، بل وسيلة للتعبير عن الانتماء والشعور الجماعي بالفخر والهوية المحلية.

الجداريات: كرة القدم على جدران المدينة

لو تجولت في شوارع العاصمة أو المدن الداخلية ستلاحظ انتشار الجداريات التي تمجد لاعبي الفرق المحلية أو تعبر عن لحظات تاريخية لا تنسى.

الفنانون الشباب يحولون الجدران إلى لوحات فنية تنبض بالشغف الكروي وتعكس رموز الفرق والألوان التي توحد المشجعين خلف فرقهم المفضلة.

هذه الرسومات غالباً ما تكون مبادرة مجتمعية بلا تمويل رسمي، لكنها تُلهم سكان الحي وتعزز الإحساس الجماعي بالانتماء.

مع الوقت أصبحت الجداريات مرآة للذاكرة الشعبية ومصدر إلهام للأجيال الجديدة التي ترى في كرة القدم أكثر من مجرد لعبة بل قصة شعب ومدينة كاملة.

خاتمة

كرة القدم في تونس تجاوزت حدود الملاعب وأصبحت جزءاً أصيلاً من الحياة اليومية.

هي ليست مجرد لعبة يتابعها الجمهور، بل لغة يفهمها الكل وتجمع بين الأجيال في الأحياء والشوارع والمقاهي وحتى عبر المبادرات الرقمية.

من خلال كرة القدم، وجد الشباب والفتيات مساحات جديدة للتعبير عن الذات وبناء الثقة وتوسيع طموحاتهم بعيداً عن العوائق التقليدية.

اللعبة منحت الشارع التونسي ألواناً جديدة من الأمل والطاقة وروح التغيير، لتبقى رمز التواصل والاندماج الاجتماعي والثقافي والاقتصادي لأجيال قادمة تبحث دائماً عن فرصة جديدة.